|
"إدارة المخاطر المؤسسية" و قطاع التأمين في مصر
|
|
من المفاهيم والمصطلحات الأكثر تداولاً حالياً في سوق التأمين العالمي مفهوم "إدارة المخاطر المؤسسية ..Enterprise Risk Management-ERM " كأحد أهم أدوات تخفيف حالة عدم اليقينية المصاحبة للكثير من التحديات التي تواجهها شركات التأمين والمؤسسات المالية بشكل عام وبالتالي دعم عملية صنع القرار بشكل كبير.
|
|
ومفهوم "إدارة الخطر" بشكل عام ليس ببعيد عن صناعة التأمين و التي هي في الأساس صورة من صور إدارة الأخطار التي تواجه العملاء من خلال نقلها من العميل لشركة تأمين أكثر قدرة وتخصصا وتملك من الأدوات والخبرات ما يؤهلها للتعامل مع مثل هذه الأخطار ،فيما تعد أيضا إعادة التأمين أحد صور إدارة مخاطر الاكتتاب في شركات التأمين من خلال تفتيت الخطر بنقل جزء منه إلى معيد أو مجموعة من معيدي التأمين.
|
|
تاريخياً تشير كافة الدراسات المتعلقة بالأزمة المالية العالمية في عام 2008- والتي أدت/كادت أن تؤدي إلى انهيار العديد من البنوك والكيانات المالية الضخمة ومنها أحد أكبر شركات التأمين وإعادة التأمين في العالم لولا تدخل ودعم الحكومة الأمريكية في ذلك الوقت – أنها ناتجة في الأساس عن فشل في منظومة إدارة المخاطر المطبقة في هذه المؤسسات في تحديد وتقييم درجة الخطر ونتائجه المتوقعة بدقة وبالتالي عدم التعاطي مع هذه الأخطار بالشكل و في التوقيت المناسب.
|
|
وداخلياً وفي ظل ما شهدته مصر خلال ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 من حالة عدم استقرار القت بظلالها على كافة القطاعات الاقتصادية وكان لقطاع التأمين بالطبع النصيب الأكبر في تحمل تبعاتها ،وكذا ما تشهده مصر حالياً من عملية إعادة هيكلة شاملة للمنظومة الاقتصادية بما يشمله ذلك من تغييرات في السياسات المالية والنقدية وكذا التشريعات والإجراءات والتي برغم من كونها أساساً لتصحيح المسار وإطلاق العنان للقدرات الكامنة للاقتصاد المصري على المدى الطويل ،إلا أنه لا يمكن تجاهل ما قد يصاحب ذلك من حالة عدم يقينية لآثاره المتوقعة على قطاع التأمين المصري على المديين القصير والمتوسط. ولعل القرار الأخير بتبنى سياسة مرنة لسعر الصرف وما كان له من تأثيراً واضحاً على نتائج الشركات هو مثال لمسناه جميعا لما يمكن أن تؤدي إليه أحد هذه المخاطر.
|
|
هذا بالطبع بخلاف الأخطار الأخرى التي تزايدت وتيرتها أيضاً بشدة في الآونة الأخيرة ،مثل تلك المرتبطة بالهجمات الإلكترونية بأنواعها وما يمكن أن تؤدي إليه من آثار مدمرة على المنظومة المعلوماتية لشركات التأمين.
|
|
من هنا يظهر جليا أن شركات التأمين بشكل عام معرضة للكثير من المخاطر تتنوع من حيث مصادرها وآثارها وطرق التعامل معها والتي يمكن أن تهدد قدرة هذه الشركات على تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو والربحية أو قد تهدد إستمراريتها - لا قدر الله. وتشمل على سبيل المثال وبخلاف مخاطر الاكتتاب التقليدية مخاطر أخرى منها:
|
1. مخاطر السوق كتذبذب أسعار الصرف ومعدلات الفائدة وأسواق المال.
2. مخاطر متعلقة بمعدلات السيولة والوضع المالي لشركة التأمين بشكل عام.
3. مخاطر المتعلقة بالائتمان.
4. المخاطر القانونية والمتعلقة بالإلتزام .
5. مخاطر تتعلق بسوق التأمين وسلوك المنافسين .
6. مخاطر تتعلق بدرجة كفاءة وتأمين نظم المعلومات.
7. مخاطر متعلقة بالعنصر البشري.
8. المخاطر المتعلقة بدرجة الاستقرار في البيئة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
9. مخاطر متعلقة بدرجة كفاية وكفاءة الإجراءات والنظم الرقابية .. إلى آخر ذلك.
|
|
هذا وبخلاف كون تحديد وتقييم وإدارة هذه المخاطر هي مسئولية ضمنية لكافة العاملين في قطاع التامين كل في نطاق عمله و حدود مسئولياته داخل شركة التأمين التي يعمل بها ،إلا أنه تكمن أهمية دور "إدارة المخاطر المؤسسية" في شركات التامين المصرية كإدارة مركزية لتكون مسئولة عن تنسيق الجهود في هذا الإطار وصياغة الصورة الكاملة لمستويات المخاطر التي تواجهها شركة التأمين لدعم عملية اتخاذ القرار من قبل الإدارة العليا ،وأيضا تنسيق الجهود للتعامل الرشيد مع هذه الأخطار بما يتفق مع سياسات كل شركة و شهيتها لقبول مخاطر معينة من عدمه.
|
|
وتأكيداً للدور المتزايد الذي تلعبه "إدارة المخاطر المؤسسية" في استقرار الوضع المالي لشركات التأمين ،فقد اتفقت كافة وكالات التصنيف الائتماني العالمية في منهجياتها على أن كفاءة وفاعلية منظومة إدارة المخاطر بشركات التأمين هي أحد أربع عوامل رئيسية يتم على أساسها تحديد التصنيف الائتماني لها. وبالتالي صار لزاماً على أي من شركات التأمين المصرية التي ترغب في الحصول على تصنيف ائتماني أن يكون لديها إدارة فاعلة للمخاطر.
|
|
وقد أكدت الهيئة العامة للرقابة المالية مراراً على تواجهاتها لتطبيق مفاهيم إدارة الخطر في شركات التأمين المصرية وذلك من خلال العديد من القرارات المتعلقة بدعم نظم الحوكمة والاتجاه لتبني أسلوب قياس كفاية رأس المال على أساس الخطر وذلك من أجل تحقيق مزيد من الاستقرار لسوق التأمين المصري وتمشياً مع المبادئ العالمية في هذا الإطار.
|
دور الإتحاد المصري للتأمين:
|
|
إن الإتحاد المصري لشركات التأمين يولي أهمية خاصة لدعم شركات التأمين المصرية في هذا المجال من خلال عقد العديد من الندوات والمؤتمرات ومن ضمنها قيام الاتحاد باستضافة الندوة الخاصة بـ (Risk management for insurance companies) خلال هذا الشهر وكذلك اشتراك الاتحاد فى الندوة التدريبية الخاصة بـ (إدارة المخاطر لتطوير شركتك) والمزمع عقدها ايضا خلال هذا الشهر فضلا عن قيام الاتحاد بالتنسيق مع اتحادات التأمين الإقليمية ودعوة الخبراء العالميين لنقل الخبرات الفنية اللازمة للسوق المصري إضافة إلى دعم ومساعدة مسئولي إدارات الخطر بشركات التأمين المصرية للحصول على شهادات دراسية تخصصية في هذه المجال من أعرق المعاهد التعليمية المتخصصة في العالم.
|
|
يوصي الإتحاد المصري للتأمين كافة الشركات العاملة في السوق المصري بسرعة تبني إنشاء وتفعيل إدارات متخصصة ل "إدارة المخاطر المؤسسية" ودعمها بكل ما يلزم من خبرات وأدوات ونماذج فنية حديثة من أجل الحفاظ على قوة واستقرار قطاع التأمين المصري ،خصوصا وقد أثبتت التجارب العملية وكذا كافة الأبحاث الحديثة المعنية بدراسة التكلفة والعائد أن عائد وجود إدارة فاعلة للتعامل مع المخاطر المختلفة يفوق كثيراً تكلفة تحقق أي من هذه المخاطر - لا قدر الله.
|
|